في دراسات عديدة، أجرتها جامعات ومراكز أبحاث في دول الغرب وخاصة الدول
الأوربية مثل بريطانيا، درست وأثبتت ما للصيام عن الطعام والنظام الغذائي الصحي
المقترن به من فوائد على الجسم والصحة وكيف لصيام ساعات معدودة أن ينقي الجسم
والدم والأعضاء من السموم والمواد الضارة المتراكمة فيه وكيف له أن يشفي الجسم من
العديد من الأمراض المزمنة وتخفيف مضاعفاتها وأعراضها. في عام 1917، جندي ألماني
من جنود الحرب العالمية الأولى، أصيب بمرض إلتهاب المفاصل الحاد وأصبح بمضاعفات
المرض غير قادر على المشي أو تحريك مفاصله وأصبح علاجه مستحيلاً من وجهة نظر
الأطباء، إلى أن تلقّى نصيحة من أحد معارفه بأن يصوم عن الطعام، فصام لمدة ثلاث أسابيع،
فلاحظ بعد صيامه لهذه المدة أن الجزء الأكبر من أعراض مرضه قد اختفت، وأن آلامه قد
خفت وأصبحت قليلة جداً، و أصبحت صحته العامة جيدة جداً. قام بناءً على تجربته
الشخصية بإنشاء مركز علاجي في بلده للصوم العلاجي، ويزوره الناس من شتى أنحاء
العالم إلى يومنا هذا لعلاج أمراضهم بالصيام والنظام الغذائي الصحي المقترن به.
وقد ألّف العديد من أخصائيي التغذية والطب كتباً علاجية عن موضوع الصيام ... مما
يؤكد ضرورة الصيام للصحة من منحىً علميَ بحت.
الصيام .. فريضة ربانية فيها حكمة بالغة على كافة الأصعدة – روحيَاً
واجتماعيًا ونفسياً وصحياً – فيُعلي المرء روحانياته ويصلها بالله تعالى، ويصل رحمه
لأقاربه وأصدقائه، ويُصلح نفسيته من أي ضغط وتوتر وتعب، وأخيراً، فوائد الصيام على
الصحة، كثيرة عديدة متنوعة يصعب شَملُها وعدّها .. فمثلًا : يريح الصيام عن الطعام والشراب
لساعات أعضاء الجسم من الجهد المتواصل وخاصة الجهاز الهضمي والكلى، فيتجدد فيه
النشاط والطاقة، كما يبدأ الجسم بطرد السموم ومقاومتها والتخلص منها في فترة الصيام
فيطهر وينقي الدم والأعضاء والشرايين، ويعيد الصيام تنظيم عمليات الأيض والعمليات
الحيوية في كافة أعضاء الجسم فينتظم معدل السكر في الدم ويتخلص الجسم من
الكوليسترول الزائد الضار فتقل خطورة الإصابة بأمراض السكري والضغط والقلب
والشرايين وأمراض المفاصل وبعض الأمراض الجلدية أو تقل حدّة أعراضها ومضاعفاتها إن
كانت موجودة، ولا شك أن شهر رمضان فرصة لا بد من استغلالها لضبط الوزن والتخلص من
مشاكله وخاصة السمنة وتراكم الدهون حيث أن الجسم يبدأ باستخدام مخازن الدهون
المتراكمة كمصدر للطاقة خلال فترة الصيام الطويلة مما يؤدي لفقدام بعض الكيلوات
الزائدة عن الحاجة والنتيجة دوماً صحة أفضل وقوة أكبر وطاقة حيوية وجسدية ونفسية
أعلى.
لكن .. يصل الجسم لهذه الفوائد كافةً إن إقترن صيامه بنظامٍ صحي ليومه
في فترة الصيام، ويشمل النظام الغذائي والنشاط البدني. فهناك العديد من الإعتقادات
الخاطئة بأن النظام الغذائي في الشهر الفضيل هو سبب السمنة وزيادة الوزن وأن الجسم
يتعرّض لإرهاق وتعب وجهد كبير يمنع القيام بالأعمال والنشاطات اليومية براحة ويسر
وتركيز. ولكن، لا بد من إدراك أن هذه المشاكل تظهر كنتيجة لممارسات خاطئة وغير
صحية نمارسها بوعي أو بغير وعي، وأن الصيام الصحيح المقترن بنظام غذائي ونمط حياة
صحي وسليم يمنح الجسم طاقة كبيرة ونشاط عظيم ، ويخلص الجسم من العديد من المشاكل
الصحية ومضاعفاتها التي من الممكن أن تظهر على المدى البعيد. ومن هنا سأتحدث عن
بعض الممارسات غير الصحية التي قد نمارسها في شهر رمضان وكيفية التخلص منها واستبدالها
بممارسات صحية، ثم سأشرح بعض النصائح لحياة صحية ولنظام صحي سليم خلال فترة
الصيام، ثم سأنتقل إلى الحديث عن الوجبات والأطعمة التي نتناولها خلال فترة
الإفطار وما يتعلق بها.
أقسام المقالة:
v بعض الممارسات غير الصحية في شهر رمضان و بعض الحلول والبدائل لها
v بعض النصائح لحياة صحية و نمط صحي في شهر رمضان
v وجبة السحور
v الحلويات في شهر رمضان
v بعض الممارسات غير الصحية في شهر رمضان وبعض الحلول والبدائل لها:
§ يهمل البعض وجبة السحور بإعتبارها غير ضرورية، أو أن تناولها يزيد الشعور بالجوع خلال النهار، لكن تناول وجبة السحور له أهمية
كبيرة جداً لعدة أسباب، فوجبة السحور بالإضافة لوجبة الفطور هما الوجبتان
الرئيسيتان في الشهرالكريم، يأخذ الجسم منهما العناصر الغذائية التي يحتاجها، وإهمال
وجبة السحور قد يؤدي لنقص في بعض العناصر خاصةً إذا كانت وجبة الفطور غير صحية غير
متوازنة وغير متكاملة. كما أن وجبة السحور الصحية المحضّرة بطريقة صحيحة والتي
تحتوي كافة المجموعات الغذائية من نشويات وبروتينات ودهون تمدّ الجسم بطاقة كبيرة
يحتاجها خلال نهار الصوم الطويل في فترة الصيف والجو الحار. ولا ننسى أن رسولنا
الكريم قد أوصى بتناول هذه الوجبة وبارك بها فقال: " تسحروا فإن في السحور
بركة"
عدم تناول الطعام بسرعة كبيرة |
§ بعض الناس يتناولون كميات كبيرة من الطعام
خلال وجبتي الإفطار والسحور بحجة أن فترة الصيام طويلة، لكن يجب العلم بأن تناول
هذه الكميات غير ضروري أبداً وأنها قد تُسبب زيادة الوزن غير المرغوب به وخاصة مع
قلة النشاط البدني، كما يجب العلم بأن تناول وجبة متكاملة متوازنة تعطي الجسم
احتياجاته من كافة العناصر الغذائية تعتبر كافية جداً، تمد الجسم بطاقة أكثر من
تناول وجبات كبيرة دسمة تؤدي للشعور بالثقل والتخمة.
الإعتماد على العصائر والمشروبات الغازية .. تعويَضًا للسوائل ،،
§ يعتمد البعض على العصائر الصناعية والمشروبات
الغازية خلال وجبة الإفطار لتعويض السوائل، مع إهمال شرب كميات كافية من المياه.
فتناول كميات كبيرة من هذه العصائر يعتبر سبباً مباشراً لزيادة الوزن وخاصة مع قلة
النشاط البدني، كما أن للمشروبات الغازية العديد من المضار الأخرى كرفع مستوى
السكر وهشاشة العظام وغيرها. ويجب الإنتباه إلى أهمية تناول كميات كفاية من المياه
خلال فترة الإفطار لتعويض ما تم فقده خلال ساعات الصيام ولتهيئة الجسم لصيام اليوم
التالي فجميعاً نعلم كم للماء من أهمية وفوائد على كافة الأصعدة بما يتعلق بالصحة.
§ يعتمد المعظم بشكل رئيس في الوجبة وخاصة وجبة
الإفطار على الأطعمة الدسمة التي تحتوي كميات كبيرة من الدهون أو النشويات فتصبح
الوجبة غير متوازنة غير صحية. مما يزيد العرضة للكثير من المشاكل الصحية كزيادة
الوزن وزيادة مستوى السكر في الدم وزيادة الكوليسترول والدهون وبالتالي أمراض
القلب والشرايين والضغط والسكري. لذلك من المهم جداً الإنتباه لنوعية الطعام
الموجودة على المائدة ولطريقة تحضيرها أيضاً، فيجب أن تكون الوجبات متوازنة ومتكاملة
محضرة بطريقة صحية كالشوي مثلاً بدلاً من القلي وغيرها من الممارسات الصحية التي سأتحدث
عنها في هذه المقالة لاحقاً.
عدم ممارسة التمارين الرياضية ،،
§ الكسل وعدم ممارسة التمارين الرياضية يؤديانِ لقلة النشاط البدني واللياقة وغيرهما من المشاكل الصحية التي تتبع ذلك. زيادة
النشاط البدني واللياقة البدنية تشحن الجسم بالطاقة والحيوية بالإضافة للوقاية من
العديد من المشاكل الصحية والأمراض، ولا ننسى التأثير الإيجابي الكبير على الصحة
العقلية والنفسية.
v بعض النصائح لحياة صحية ونمط صحي في شهر رمضان:
-
من المهم جداً تناول وجبة السحور في شهر
رمضان وخاصة للمرأة الحامل والمرضع ولمريض السكري.
-
يجب شرب كميات كافية من الماء خلال فترة
الإفطار لتعويض الإحتياجات وما تم فقده خلال ساعات الصيام.
- يجب زيادة الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية
والألياف كالخضار والفواكه والحبوب الكاملة وذلك لسد إحتياجات الجسم من هذه
العناصر، كما أن هذه الأغذية تعطي شعوراً بالشبع لاحتوائها على الألياف وبالتالي
التحكم بشكل أفضل وأسهل بكمية الطعام التي سيتم تناولها.
- يجب تناول الوجبة متكاملة متوازنة وذلك بأن
تحتوي على كافة المجموعات الغذائية وذلك للحصول على كافة العناصر الغذائية من
فيتامينات ومعادن وبروتينات ونشويات، ومن الأفضل الإعتماد على طريقة تقسيم "
طبقي my plate
" في تقسيم الوجبة، كما في الصورة التالية :
- عند تناول الإفطار، من الأفضل تقسيم الوجبة إلى عدة أقسام.. فيتناول
الصائم كوب من الماء مع حبتين من التمر، ثم الإنتظار لفترة قصيرة أو الذهاب لصلاة
المغرب مثلاً، ثم إكمال الوجبة بتناول كوب
من الحساء أو كمية جيدة ( نصف الوجبة) من الخضار المنوعة ومن ثم تناول ما توفر من
الطعام من نشويات (خبز، أرز، فريكة، معكرونة..) والبروتينات والدهون ( لحم، سمك،
دجاج) ولا ننسى شرب كمية كافية (لترين) من الماء خلال الفترة ما بين الإفطار والسحور.
v
وجبة السحور:
كما ذكرنا سابقا، من المهم جداً تناول وجبة السحور لإنها تمد الجسم
بطاقة يحتاجها لممارسة أعماله طوال النهار التالي وخاصة للحامل والمرضع أو المريض،
كما أنها مهمة جداً للأطفال الذين يصومون، حيث أن أجسامهم في طور نمو سريع تطلب
فيه أجسادهم الطاقة والعناصر الغذائية كافة، ويتم تعويضها وّسدها في أيام الصيام
من وجبتي السحور والفطور بشكل أساسي، ومن الأفضل أن يتخللهما وجبة خفيفة غنية
بالعناصر الغذائية. ويجب أن تكون وجبة السحور تعادل بالطاقة والمكونات وجبة الفطور
في الأيام العادية، فيجب أن تحتوي على النشويات ومصدرها الخبز والحبوب الكاملة
بشكل رئيس؛ البروتينات ومصدرها الأسماك كالتونة والسردين ومنتجات اللحوم والدجاج والبقوليات
مثل الفول والحمص وغيرها؛ وأخيراً وهو الجزء الأهم والمكمل لذلك كله، الخضار والفواكه
ويمكن إدخالها للوجبة بأشكال عديدة متنوعة يمكن الإبتكار فيها حسب الرغبة والميول.
v
الحلويات في شهر رمضان:
لا ننسى الحديث عن
الحلويات... فيوجد أنواع من الحلويات يحضّرها الناس بشكل رئيس في شهر ِرمضان،
كالقطايف مثلاً ،، فهو لذيد ويقدم بأشكال عديدة. لكن هنا يجب أن ننتبه إلى أن
الإكثار من الحلويات في شهر رمضان قد يؤدي للعديد من المضار،، كارتفاع معدل سكر
الدم وخاصة لدى المصابين بمرض السكري، كما أن تناول الحلويات بكميات كبيرة يؤدي
أيضاً لارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون في الدم وزيادة الوزن. لذلك يجب الإنتباه
للكميات التي نتناولها ولطريقة تحضيرها،، وسأتطرق للحديث عن طرق تحضير الطعام وكيفية
تحويل الوجبة الغير صحية لصحية أكثر بشكل مُفصّل وأوسع في مقالة خاصة قريباً.
شهر رمضان شهر مبارك كريم، وبإعتقادي أن الكرم والبركة لا تكون
بالعبادات والوقت والعلاقات الإجتماعية فقط، إنما تكون بالصحة الجيدة والنشاط والحيوية
والقوة. شهر رمضان فرصة كبيرة ومهمة يجب إستغلالها لتغيير الكثير من العادات
السيئة وغير الصحية، فلنستغل هذه الفرصة لتغييرعاداتنا الغير صحية وجعل حياتنا
صحية متوازنة على كافة الأصعدة - صحياً وإجتماعياً نفسياً وروحياً.
أخصائية التغذية : أ.دعاء نخلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
" وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "
-------------------------------------------
التعليق يعبر فقط عن صاحبه ، ولا يعبر عن رأي المدونة